188 ـ تشارلز روبرت داروين (1809 ـ 1882)

باحث وعالم طبيعة بريطاني. ارتبط اسمه واشتهر بنظرية النشوء والارتقاء، يُعد أبرز علماء الطبيعة في القرن التاسع عشر، وأبعدهم أثراً في التفكير العلمي والديني. ولد داروين في شروزبري في إنجلترا، وكان جده إرازموس داروين طبيباً وشاعراً وعالماً مشهوراً، وكان هذا الجد قد سبق أن تقدم بنظرية عن التطور في خلال التسعينيات من القرن الثامن عشر. وكان تشارلز الحفيد وهو صبي يستمع إلى نظرية جده وهو يناقشها. تعلم في المدارس المحلية، والتحق بجامعة أدنبره لدراسة الطب.

ثم درس اللاهوت في جامعة كمبردج وفي عام 1831م حصل منها على شهادة البكالوريوس.

قام برحلة بحرية (1831 ـ 1836) على السفينة بيجل، زار خلالها جزر الرأس الأخضر، وجزر آزور، وسواحل أمريكا الجنوبية. وجمع معلومات غزيرة عن نباتاتها وحيواناتها وطبيعتها الجيولوجية. واستنتج منها قانون تطور الطبيعة الحية. فكانت تلك الرحلة منطلقاً لدراساته الواسعة، التي صاغ نتائجها، بعدُ، في النظريـة الداروينية. وفي الثالثة والثلاثين من عمره بدأ في كتابة نظريته الشهيرة (النشوء والارتقاء)، وأحدثت نظريات داروين صدمات عظيمة لكل الذين كانوا يعيشون في عصره، إذ كان الناس ومازالوا يؤمنون بأن الله خلق كل نوع من الكائنات الحية بطريقة مستقلة عن غيرها. وكتابه "أصل الأنواع عام 1859م) أثر ردود فعل لما اشتمل عليه من آراء تشكك في العقائد السماوية. فثارت الكنيسة ضده لتعارض هذه النظرية مع نظرية الخلق في الكُتب الدينية. كما لقيت نظريته وأفكاره معارضة شديدة في الفكر الإسلامي وقام علماء كبار وأساتذة متخصصين بتفنيدها. ومن أهم ما ثار حوله الجدل النظرية القائلة أن الإنسان أصله قرد فهو مرفوض، لأن النظرية تفترض أن كل التطورات التي حدثت إنما هي بفعل المصادفة وحدها، وتنكر الخالق عز وجل، ثم هي لا تملك القدرة على إثبات ما تدعوا إليه، لأنها تحيل على أزمنة بعيدة تقدر بملايين السنين، ولا يمكن الجزم بصحة ذلك. وكان داروين ملحداً، ولعل كل عبقرية داروين هي أنه نجح في إعطاء البرهان على حقيقة التطور البيولوجي، وبذلك أدخل إلى الفكر العالمي المعاصر مبدأ "التحولية" كأحد المفاهيم الرئيسية في فهم تكون العالم. كما ذكر داروين أن بعض أفراد الأنواع لها سمات تساعدها في صراعها من أجل البقاء، وهناك أنواع أخرى لا تتمتع بمثل هذه المميزات ولذلك فإن احتمال استمرارها في الحياة يصبح أقل من الأولى.

عُين سكرتيراً للجمعية الجولوجية في إنجلترا لمدة ثلاث سنوات، وأصدر مجلة علم التاريخ الطبيعي.

أشهر آثاره "في أصل الأنواع" (عام 1859).